في الأيام الماضية أرسل لي بعض الأصدقاء الذين يعرفون حبي لتولستوي (بعبارات أخرى: الذين صدعتهم بهوسي بتولستوي!) خبراً حول نشر ترجمة جديدة لنوفيلا "السند المزيف" لتولستوي (السند المزيف. ليف تولستوي. ترجمة: نبيل يوسف. مراجعة: أنور إبراهيم. سلسلة الجوائز التابعة للهيئة المصرية العامة للكتاب. 2017).
سعدتُ قليلاً بهذا الخبر (قليلاً لأن الحذر دائماً واجب!) وطفقتُ أقرأ المزيد عن هذه الترجمة الجديدة.
دينا مندور، رئيسة تحرير سلسلة الجوائز الناشرة لهذه الترجمة الجديدة، ذكرت في تصريحات منشورة على موقع "مبتدا" بتاريخ 19 أبريل 2017 أن "السند المزيف" رواية "لم يسبق نقلها من قبل إلى العربية".
وفي صحيفة "الدستور"، بتاريخ 10 مايو 2017، يُنسب لدينا مندور أنها "أكدت... اكتشاف نص أدبي للأديب الروسي ليو تولستوي، لم ينشر من قبل، مشيرةً إلى أنها وفريق عمل سلسلة الجوائز، قاموا ببحث متواصل للتأكد من ذلك، ولم يعثروا على معلومة تؤكد نشره مسبقاً، باستثناء أنه قد يكون نُشر في المدارس الكاثوليكية". كما أضافت دينا مندور بحسب الصحيفة أن النص "كتبه تولستوي قبل وفاته بوقت قصير، وربما يرجع عدم نشره إلى أنه تسبب له في مشاكل مع عائلته، لأنه يضم جزء من حياته".
أما هيئة تحرير سلسلة الجوائز، فقد نشرت مقالةً في "أخبار الأدب"، بتاريخ 17 يونيو 2017، جاء فيها أن هيئة تحرير سلسلة الجوائز قد عثروا "على درة تولستوي "السند المزيف" التي كتبها كآخر أعماله ونشرت بعد وفاته ولم تنشر باللغة العربية قبل اليوم". كما تضيف هيئة التحرير أن "السند المزيف" هي "بمثابة وصية تولستوي الأخيرة، التي نفذها هو نفسه في نهاية حياته، وكأنما كانت الرواية هي التجلي الروائي لتلك الوصية، أو هي مذكرة إيضاح فنية تقدم رؤيته للحياة والعالم".
وفي تصريحات خاصة لصحيفة "اليوم السابع"، بتاريخ 23 يوليو 2017، نُسب إلى دينا مندور قولها عن "السند المزيف" بأنها "صدرت في روسيا بعد وفاة تولستوي، وذلك لأنها تسببت في مشاكل كثيرة له مع أهل بيته، لأن أحداثها كانت تدور من داخل منزله".
كل ما سبق كلام جميل... لولا أنه مليء بالمعلومات الكاذبة!
بدايةً، هذه ليست الترجمة العربية الأولى للرواية، فقد سبق "نقلها للعربية" في ترجمة صياح الجهيم المنشورة بعنوان "العملة المزيفة" في المجلد 16 من الأعمال الكاملة لتولستوي الصادرة عن وزارة الثقافة السورية (ليون تولستوي. الأعمال الأدبية الكاملة. مجلد 16: الأعمال الأدبية المنشورة بعد موته. ترجمة: صياح الجهيم. وزارة الثقافة. دمشق. 1993)، كما أن دار المدى نشرت هذه السنة نفس المجموعة بترجمة صياح الجهيم. فهل تضمن "البحث المتواصل" الذي ذكرته دينا مندور البحث في أبرز مرجع بالعربية لأعمال تولستوي؟ لا يبدو كذلك!
مع الشكر للصديق الرائع البديع العزيز سلمان على مساعدته في توفير هذه الصور للكتاب
وفي الحقيقة فهذه ليست أول مرة يصدر مثل هذا الادعاء حول عمل ترجمه يوسف نبيل. فقد نشر يوسف نبيل ترجمةً لثلاث قصص لدوستويفسكي (صبي مع المسيح عند شجرة عيد الميلاد. دوستويفسكي. ترجمة: يوسف نبيل. روافد للنشر والتوزيع. 2015). وقد ذكر أنه قارن "بدقة" بين أعمال دوستويفكسي وترجمات سامي الدروبي و"اكتشف" أن هنالك قصصاً مفقودة! وأذكر حينها أن الصديق العزيز الذي لا مثيل له سلمان (أنا مُلزم بمدحه بسبب مساعدته رغم أنه مُهرطق كبير في مذهب التولستويين أمثالي، فهو من أتباع دوستويفسكي والعياذ بالله!) الصديق سلمان أشار إلى عدم صحة ذلك! حيث أن القصص الثلاث المترجمة موجودة في المجلد 15 من الأعمال الكاملة لدوستويفسكي! نفس الشيء يحدث من جديد كما يبدو! نفس كذبة الاكتشاف وأول ترجمة عربية!
صور نشرها الصديق العزيز اللذيذ إلخ (مليت من مدحك يا رجل!) في سياق تعليقه على ترجمة قصص دوستويفسكي "المفقودة"! صورة لغلاف الترجمة "الجديدة"، وصور من فهرست الأعمال لدوستويفسكي بترجمة سامي الدروبي.
وبصراحة، فإن الحديث حول "اكتشاف" الرواية الوارد في صحيفة "الدستور" يبدو غريباً وغامضاً... فهل يقصدون أن الرواية غير منشورة مسبقاً على الإطلاق؟ لو كان هذا هو القصد فهذه كارثة! ولكنني سأميل إلى القول بأنه من المستحيل أن يدعي أي شخص هذا الادعاء (مهما ثبت عليه التزييف!)، خاصةً وفضيلة الشيخ غوغل موجود ليفضح الجميع! والسبب ليس فقط لأنه يمكن إيجاد الرواية بسهولة على غوغل، ولكن أيضاً لأن مقتطفات الرواية في المقالة المنشورة في "أخبار الأدب" تبدو وكأنها ترجمة وسيطة من الترجمة الإنجليزية المنشورة في مجموعة من تحرير C.W Hagberg Wright الصادرة تقريباً سنة 1912 (موجودة على موقع ويكي مصدر الإنجليزي، مع ملاحظة أن الموقع مخطئ في تصنيف Wright على أنه المترجم، فهو فقط محرر المجموعة ويذكر ذلك في المقدمة)، وهي ذاتها تبدو متطابقة مع الترجمة الفرنسية التي ترجمها J. Wladimir Bienstock (موجودة على موقع ويكي مصدر الفرنسي)، ولم يكن غريباً في تلك الفترة أن تكون الترجمات الإنجليزية لأعمال تولستوي ترجمات وسيطة عن الفرنسية. وفي كل حال فإذا كانت هذه الترجمة الجديدة لرواية "السند المزيف" ترجمة وسيطة عن لغة أخرى فأظن أنه من المستبعد أن يكون قصدهم أنها غير منشورة مسبقاً بأي ترجمة وفي أي مكان إلا ربما في بعض المدارس الكاثوليكية! ونلاحظ هنا أيضاً أن هنالك كلام حول كون هذه الترجمة الجديدة هي ترجمة مباشرة عن الروسية، الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول تطابق الترجمة العربية مع الترجمة الإنجليزية والترجمة الفرنسية! هل كل الترجمات (على قِدمها) مطابقة تماماً للنص الروسي؟ إنجاز عظيم بصراحة!
وبعد هذا الادعاء الفاضح (الذي كرروه ثلاث مرات!)، نتطرق إلى الادعاء بأن رواية "السند المزيف" وصية تولستوي الأخيرة. فهل هي كذلك؟ من ناحية أنها تعبر عن الكثير من أفكاره ومبادئه، فهذا صحيح. ولكن لم يمر علي مطلقاً أن تولستوي أو حتى دارسي تولستوي والأدب الروسي يعتبرونها وصيته الأدبية. تولستوي لديه الكثير من الكتابات الأدبية القصصية والمسرحية والكثير من الكتابات الفكرية التي تعبر عن أفكاره ومبادئه، وهذه النوفيلا لا تعتبر من أبرز ما كتبه أصلاً، فمثل هذا الادعاء يبدو سخيفاً، بل إن محاولة ربط هذه الروايات بروايات أخرى مثل "موت إيفان إيليتش" يبدو كمجرد محاولة يائسة للتظاهر بمعرفة تولستوي ومعرفة أعماله!
ولكن هل "السند المزيف" آخر أعمال تولستوي الأدبية؟ هذا قد يكون صحيحاً إن قلنا أنها آخر عمل "روائي قصير"، أي آخر "نوفيلا" كتبها؛ فقد كتب وعدل أعمالاً أدبية أخرى بعدها (بعض القصص وأظن مسرحية). كما أن هنالك خلافاً حول إذا ما كانت هي آخر نوفيلا أم "الحاج مراد"، فكلاهما أكملهما في نفس الوقت تقريباً سنة 1904، لكن الراجح أن "السند المزيف" هي آخر نوفيلا.
فهل كتبها تولستوي قبل وفاته بوقت قصير؟ كلا. تولستوي أكملها سنة 1904 وتوفي سنة 1910. غريب، أليس كذلك؟ لماذا لم ينشرها تولستوي في حياته؟ لماذا نُشرت بعد وفاته؟ أها! لا بد أن فيها فضائح عائلية، أليس كذلك؟ كان سينشر غسيل العائلة وليس رواية!
كلا. لا علاقة للرواية بحياة تولستوي العائلية من قريب ولا من بعيد.
هذه أكثر معلومة خاطئة ضايقتني. دينا مندور (رئيسة تحرير سلسلة الجوائز) كررتها مرتين! فذكرت لصحيفة "الدستور" أن نص الرواية "تسبب له في مشاكل مع عائلته، لأنه يضم جزء من حياته"، وذكرت لصحيفة "اليوم السابع" أن الرواية "تسببت في مشاكل كثيرة له مع أهل بيته، لأن أحداثها كانت تدور من داخل منزله".
مرةً أخرى: الرواية لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بحياة تولستوي العائلية، لا تضم جزءاً من حياته، لم تسبب له أي مشاكل مع عائلته ولا تدور أحداثها داخل منزله.
الرواية فيها حوالي 20 شخصية بخلفيات متنوعة تتشابك قصصهم بطريقة معقدة، فالرواية لا تدور في منزل تولستوي، بل إنها لا تدور في منزل أحد! فهل قرأت دينا مندور الرواية؟ هل يعرفون شيئاً عن تاريخ تولستوي؟ هل قرأوا يوماً عن خلافاته مع عائلته؟ أظن أن الإجابة على هذه الأسئلة الثلاثة هي: لا، لا، لا.
تولستوي، بعد أزمته الروحانية وتغير نظرته للحياة، كان قد فقد اهتمامه بالنشر والأرباح والشهرة (راجع مثلاً ما كتبه في ذم هذه الأمور في كتابه "اعتراف"، وأيضاً ما كتبه حول غاية الأدب والفن في كتابه "ما هو الفن؟"). الكاتب الفنان كان موجوداً، لكن الكاتب الباحث عن الشهرة والربح والمنافسة اختفى! ولذلك نجد أنه كان يسجل أفكاره للقصص والروايات في مذكراته وكان يكتب المسودات ويمضي زمناً طويلاً في تعديلها ويقرأها على العائلة والأصدقاء ويناقشها معهم لكنه لم يكن يهتم بالنشر كثيراً، فمثلاً أحد أصدقاء العائلة، بي. أي. سيرجينكو، في كتابه عن تولستوي، يذكر أن تولستوي أمضى وقتاً طويلاً في العمل على رواية كان يُحدثهم عنها كثيراً، ولكنه بعد أن أكملها وسألوه عنها ذكر لهم بدون اهتمام بأنه تخلى عنها ولم يعد يعجبه موضوعها ولا كيفية كتابتها.
ويمكننا أيضاً المقارنة بكتاباته الفكرية التي كان يواظب على نشرها، فما بين 1904 (إكمال "السند المزيف") و1910 (وفاته) لم ينشر تولستوي أي أعمال أدبية بينما كان ينشر الكثير من الأعمال الأخرى مثل "قانون الحب وقانون العنف" عن اللامقاومة و"رزمانة الحكمة" الذي يحوي اقتباسات وحِكم بالإضافة إلى العديد من الرسائل والمقالات والمطويات الدينية والسياسية والاجتماعية.
كما أن نوفيلا "السند المزيف" ليست العمل الأدبي الوحيد المنشور بعد وفاته، فهنالك روايات قصيرة أخرى مثل "الحاج مراد" و"الشيطان" وقصص قصيرة عديدة نُشرت بعد وفاته (بعضها مكتوبة بعقود قبل وفاته! وراجع في ذلك المجلد السابق ذكره الصادر عن وزارة الثقافة السورية). الأمر لا علاقة له بما كان يدور داخل بيت تولستوي! والادعاء بأن "السند المزيف" لها علاقة بحياة تولستوي العائلية بناءً على أنها نُشرت بعد وفاته يعني بكل بساطة أن القائمين على نشر هذه الرواية لا يعرفون شيئاً عنها ولا عن مؤلفها!
هذه الدعاية المزيفة، التي تدعي لنفسها أسبقية الترجمة بلا حق والتي تستثير فضولنا لفضائح بيت تولستوي، هي مأساة. ولا أعلم من المسؤول، دينا مندور رئيسة تحرير سلسلة الجوائز أم فريق عمل هيئة سلسلة الجوائز أم يوسف نبيل المترجم، ولكنني سأوجه عتابي للجميع بصفتهم ناشري الرواية والمروجين لها بهذه الدعاية الزائفة. لقد شعرتُ بالإهانة بصفتي مُحباً لتولستوي وبصفتي قارئاً، فمثل هذه الدعاية المزيفة من الناشرين لا تحترم الكتاب ولا مؤلفه فهم لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث الحقيقي عن تاريخ النص وترجماته ولا البحث عن التفاصيل المتعلقة بالكتاب وبالمؤلف بل إنهم يزيفون الواقع ويروجون لحقائق باطلة، وهي دعاية لا تحترم القارئ لأنهم يخدعونه بخدع واهنة ستُفضح بمجرد إجراء بحث حول الأمر وبمجرد قراءة الكتاب!
كان بالإمكان التركيز على فكرة أن هذه الرواية يعتبرها البعض آخر نوفيلا لتولستوي (وليس آخر عمل أدبي ووصيته الأدبية!)، أو أن هذه ترجمة جديدة (وليس أول ترجمة!)، كان بإمكانهم التركيز على تولستوي وشهرته والتركيز على النوفيلا وبنيتها الفنية المشوقة والمعقدة (وليس الكذب والتلفيق بقول أنها تمس حياته العائلية وسببت له خلافات مع أهله!). الرواية تستحق القراءة؛ فلم يكن هنالك داعٍ لكل هذه الدعاية المزيفة!
بصراحة، وبعد أن كان المرء يستبشر خيراً بنشاط حركة الترجمة مؤخراً، فإن المرء الآن أصبح يتراجع عن موقفه بخوفٍ وندم من كثرة ما يراه من ممارسات لا تحترم الكتاب ولا المؤلف ولا القارئ ولا تبذل جهداً للالتزام بمعايير الأمانة الأدبية والمهنية! وباء المصالح التجارية والشخصية يغزو عالم الأدب والثقافة!
ماذا سيقول عنكم تولستوي حين يرى أنكم تكذبون هكذا للحصول على الشهرة ولتحقيق مبيعات وأرباح؟
سأترك ذلك لكم للتفكير فيه قليلاً... وأنا سأقول لكم بأن الكتب والقراءة (وبالنسبة لي تولستوي أيضاً) من الأشياء النقية القليلة المتبقية لنا، فأرجوكم لا تدنسوها بمثل هذه التصرفات، أرجوكم.
* * * * *
مع الشكر للصديقة إيمان على احتمالها لصداع هوسي بتولستوي ومساعدتها في مراجعة نوبة الغضب هذه التي يمكن وصفها أيضاً بأنها تدوينة! ومع الشكر للصديق سلمان الذي لن أمدحه أكثر مما مدحته (خلاص!) على مساعدته الكبيرة في البحث في مجلدات الأعمال الكاملة لتولستوي وتوفير صور لها.
29 يوليو 2017
ما قلته بخصوص دستويفسكي هو صحيح وهو خطأ فادح من ناحيتي لا يشفع فيه شيء سوى الترجمة عن النص الأصلي، وكان سبب الخطأ في الأساس عدم انتباهي لوجود هذه القصص في المراهق الجزء الثاني لأنها لم تكن مكتوبة على الغلاف الخارجي بخلاف بقية الأعمال، وكان هذا الكتاب تحديدًا مفقودًا من مكتبتي فظننت أنه يحوي المراهق فقط... هذا لا يبرر الخطأ إطلاقًا، لكنه في النهاية غير مقصود، وفي النهاية ستقرا ترجمة عن الأصل الروسي.
ردحذفبالنسبة للسند المزيف لو حضرتك قرات المقدمة فانا كاتب إنها تترجم لأول مرة عن الروسية في مصر... كان كلامي محددًا جدًا حول هذه النقطة. فكرة إنها آخر أعمال تولستوي الإبداعية ذكرتها مصادر كثيرة، حتى تقديم الرواية على جودريدز الطبعة الإنلجيزية هتلاقيهم كاتبين هذا أيضًا، أما إن أسرة التحرير قالت إنها لأول مرة فهذه ليست صياغتي أبدًا. فكرة إنها وصية تولستوي الأخيرة ده رأي... القصة تحمل مفاهيم خاصة بتولستوي بشكل مركز ومكثف وممكن اعتبارها فعلا من بعض الأوجه إنها كذلك.. هذا رأي وليست معلومة. الطبعة التي حضرتك ذكرتها لصياح جهيم حتى إصدار الرواية لم يكن لها وجود مطلقًا على صفحات الإنترنت وليست متوفرة على جوجول بسهولة كما تقول حضرتك فقد بحثت كثيرًا ولم أجدها، إلا إن بعد صدور الطبعة مباشرة دار المدى أعادت طبع هذا الكتاب، وكما تعلم هي طبعة مترجمة عن الفرنسية.
أنا لا أغضب من كلام حضرتك فهو يحمل حماسًا شديدًا لتولستوي وهذا أمر محمود، لكن لا تفترض سوء النية دائمًا فهناك بعض الأخطاء تحدث لأسباب أخرى غير سوء النية.. على الأقل الرواية تقدم الآن لأول مرة في ترجمة أمينة حقًا عن الروسية بمراجعة واحد من أهم المترجمين: د. أنور.
أخيرًا أنا لديَّ مشروع حقيقي بخصوص تولستوي فأنا عاشق له مثلك، وترجمت له كتابًا جديدًا يحوي مجموعة من المقالات والخطابات أعتقد أنها لم تترجم من قبل فقد بحثت كثيرًا ولم أجد لها أثرًا، وأنوي إكمال هذه السلسلة في عدة كتب إن شاء الله فللعظيم تولستوي مجمعوة هائلة من المقالات الهامة. أخيرًا نحن المترجمون في الشرق ليست لدينا سجلات أو مصادر محددة يمكن الرجوع إليها بشأن الطبعات القديمة، وهذا يصعب الأمر قليلا.
هذا لينك الكتاب الجديد لتولستوي إن كنت مهتمًا.
https://www.goodreads.com/book/show/36632115?ac=1&from_search=true
الأستاذ المحترم نبيل يوسف،
حذفبعد التحية،
أعتذر على تأخري في الرد فقد كنتُ غائباً عن المدونة لفترة ولم أنتبه لوجود التعليق في وقته، وتعطلت أكثر بعد ذلك.
اسمح لي قبل كل شيء أن أشكرك على ردك الراقي، وبالأخص على إقرارك بالخطأ المتعلق بعمل دوستويفسكي.
فيما يخص نوفيلا السند المزيف، فيجدر بي أن أُوضِّح أولاً بأنني لم أطلع على ترجمتك لها للأسف، ولكني أرجو من كل قلبي أن تكون ترجمة جيدة؛ فمهما اختلفنا فإنني مازلتُ عاشقاً لمولانا تولستوي ولا شيء أحب لقلبي من أن تُنشر أعماله، خاصةً إذا كانت ترجمة جيدة.
وفي هذا السياق، فبلا شك لاحظت يا سيدي الفاضل أنني لم أوجه الاتهامات جزافاً، وإنما أتيت باقتباسات معينة وأشرتُ لمن قالها ووضعتُ روابط مصادر هذه الاقتباسات، وفي الأغلب كانت اقتباسات لأشخاص آخرين غيرك. ولكني أشرتُ إليك في النهاية، وضممتك إلى الناشرين في العتاب لأني أتوقع أنك بصفتك المترجم من المفترض أن يكون لك دور في كل هذه الحملة التسويقية والدعاية المحيطة بالكتاب الذي بذلت أنت وقتك وجهدك في إخراجه للقارئ.
بخصوص ملاحظة أن الرواية آخر أعمال تولستوي الإبداعية، فكما تلاحظ هذا ليس ما تم تداوله في الاقتباسات التي أوردتها في هذه التدوينة، وإنما تم الترويج للرواية على أن نصها "كتبه تولستوي قبل وفاته بوقت قصير" وأن الرواية "كتبها كآخر أعماله". وهو كلام غير صحيح، وقد أوردت أدلة على عدم صحة ذلك، سواءً من حيث أن تولستوي كتب أعمالاً فكرية كثيرة بعد "السند المزيف"، أو من حيث أنه كتب وعدل قصصاً ومسرحيات بعدها، وأن هنالك خلاف حول كونها هي آخر عمل روائي أو رواية "الحاج مراد". فكما ترى يا أستاذي الفاضل الدعاية التي انتقدتها أنا والتي رددتُ عليها أنا هي الدعاية التي أشارت لرواية السند المزيف بأنها "آخر عمل"، وليس آخر عمل إبداعي.
بخصوص أنها وصية تولستوي الأخيرة، فسوف أسلم لك بأن هذا رأي، وأنا نفسي أقررتُ في الأعلى بأنها تعبر عن الكثير من أفكار ومبادئ تولستوي، ولكني أشرت بوضوح إلى أن الرواية لا تعتبر من أبرز ما كتبه ولا يعلق عليها دارسوه أي أهمية مميزة – وبالتالي أنا لا أتفق مع هذا الرأي، خاصةً وأن تولستوي له الكثير من الأعمال الفكرية التي كتبها في السنوات الأخيرة من حياته والتي تعبر عن أفكاره ومبادئه بشكل مباشر. والشيء الذي ربما أثار حفيظتي أكثر في هذا الموضوع هو محاولة ربطها برواية "موت إيفان إيليتش" مثلاً (وهذا كلامك أنت في إحدى المقابلات تقريباً)، والمطلع على الروايتين يدرك البون الشاسع بينهما.
أما ترجمة صياح الجهيم رحمه الله، فسامحني أستاذي يوسف، ولكن عذرك هذا كان الأفضل أن لا تذكره. بدايةً أنا حين قلت بأنه من السهل الحصول على الرواية من غوغل كنت أتحدث عن الترجمة الإنجليزية (وقد وضعتُ رابطاً لها)، ولم أكن أقصد ترجمة صياح الجهيم. أما عذر أنك لم تجدها، فهذا عذر لا أستطيع قبوله من شخص تولى مهمة كبيرة مثل مهمة الترجمة لشخص عظيم كتولستوي. أنا أعلم مدى صعوبة إيجاد هذه الطبعات، ولكني شخصياً لم يكن لدي دعم من أي مؤسسة ثقافية، ولا توجد حتى مكتبات جامعية أو مراكز ثقافية بالقرب مني يمكنني البحث فيها، ولا يمكنني أن أنسب نفسي إلى مجموعة الكتاب أو المترجمين أو الباحثين (من حيث العمل ومن حيث القدرات ومن حيث الإمكانات)، ومع ذلك تمكنت من إيجاد الكتاب بفضل مساعدة صديق واحد هو الآخر مثلي ليس له علاقة وثيقة بالأوساط الأدبية والثقافية. فهل لم تتوفر لك أي إمكانيات للبحث؟ وهل ليس لديك أي أصدقاء كان بإمكانهم مساعدتك يا أستاذ يوسف؟!
أما بخصوص افتراض سوء النية، فإن الإهمال يا سيدي الفاضل في حد ذاته جريمة؛ فهو يخرج بالتصرفات من نطاق الخطأ غير المقصود ويدخل نطاق الخطيئة المقصودة. كل الدعاية المحيطة بترجمتك كانت تعيد وتكرر نفس المزاعم الخاطئة، دون أن يكلف أحدٌ نفسه عناء التأكد من صحة هذه المعلومات! وأنا بصراحة سعيد لأنك أدركت حماستي الكبيرة لتولستوي، هذه الحماسة هي التي جعلتني أنتبه لكل تلك المعلومات الخاطئة وجعلتني أغضب من هذه الدعاية التي تصر على ترديد معلومات خاطئة - بالرغم من أن تولستوي لا يحتاج لدعاية زائفة لتسويق أعماله. ولذلك، فإن صح عشقك لتولستوي يا سيدي فإن هذا للأسف يزيد من العتاب عليك ولا ينتقص منه، فالعشق يقتضي الإخلاص في العمل.
وأخيراً، وفيما يخص مشروعك بخصوص تولستوي، فليس لدي ما أقوله إلا أن أُحييك على هذا المشروع المهم، وأشكر لك مجهودك، وأتمنى لك كل التوفيق.
مع احترامي،
إبراهيم.
حملة الدعايا لم يكن لي دخل فيها مطلقًا يا أستاذ ابراهيم. كنت أرى الأخبار منشورة مثلي مثل اي قاؤيء. أسرة تحرير السلسلة تقوم بنشر الأخبار وأراها كماتراها حضرتك تمامًا... هناك أخطاء كبيرة من جهتي كما تقول.. صحيح هذا. أود ألا تتكرر هذه الأخطاء في المستقبل ان شاء الله. بالمناسبة أنا اطلعت أخيرًا من أيام على ترجمة العملة المزورة لصياح جهيم، وأستطيع أن أقول دون أي غرور على الإطلاق إن الفارق بين الترجمتين كبير جدًا لصالحي. في النهاية هي ترجمة عن الأصل الروسي وأفضل بكثير إن اطلعت عليها. على العموم أنا معترف بخطئي في كثير من الأمور، ومفيش أي حساسيات على الإطلاق. وطالما أنت من عشاق تولستوي فستجد الفترة القادمة عدة كتب فكرية من ترجمتي ع نالروسية مباشرة.. صدر الكتاب الأول: في الدين والعقل والفلسفة، وقريبًا ان شاء الله كتاب طريق الحياة من إصدارات آفاق.
حذفجديد تولستوي:
ردحذفhttps://www.goodreads.com/book/show/42085072?ac=1&from_search=true
https://www.goodreads.com/book/show/36632115?ac=1&from_search=true
https://www.arabmubasher.com/147982
ردحذفيوميات تولستوي قريبًا جدًا.