وجاءت
جائزة الرواية العربية ومضت، وكانت ليبيا مُمثلة هذه السنة من قِبل نجوى بن
شتوان وروايتها زرايب العبيد. سأكون صريحاً جداً وأقول إنني لم أهتم
كثيراً بالرواية حين صدرت، أعني أثار فضولي صدور رواية لكاتبة ليبية من إحدى أشهر
دور النشر العربية (دار الساقي)، ولكنني لم أهتم كثيراً.
ترشح
الرواية لجائزة البوكر العربية منحها دفعة كبيرة، وشجع الكثيرين على قراءتها. حتى
ولو كانت الجائزة قد أثبتت تدني مستواها أحياناً، وحتى وإن أثارت جدلاً كبيراً
بتحولها إلى جائزة لدور النشر، فهنالك من تلفت انتباهه هذه الترشيحات فيقرأ. هؤلاء
القُراء كانت تعليقاتهم في الأغلب إيجابية. يمدحون الرواية كثيراً، ويقولون إنها تستحق الجائزة (كانت حماسة القُراء الليبيين بالأخص كبيرة!). لم أستطع تجاهل
الرواية بعد كل هذه الضجة، وقرأتها. وبما أن الجائزة قد جاءت ومضت كما قلنا، فأظن
أننا هدأنا قليلاً ونستطيع الحديث عن الرواية بصراحة.
وبكل
صراحة سوف أقول بأن الرواية لا تستحق جائزة. أي جائزة.
وأظن
أنني يجب أن أوضح هنا نقطتين: الأولى أن الجوائز الأدبية ليست معياراً أصلاً، فهي
في النهاية تمثل الرأي الضيق للجنة التحكيم فقط، وحتى أشهر جائزة أدبية في العالم
(جائزة نوبل للأدب) يقال عنها كثيراً إنها لا تمثل الرأي العام للأدباء ولا الرأي
العام للقراء، بل إن ذلك قيل عنها في أول سنة مُنحت فيها الجائزة! مُنحت
الجائزة سنة 1901 للشاعر الفرنسي سولي برودوم، بعد أن تم تجاهل ترشيح تولستوي
عمداً لأسباب سياسية (أولاد الكلب... تولستوي
تاج راسهم!)، بعد أن وقعت هذه.. هذه الجريمة الفاضحة! بعث 42 كاتباً
وناقداً وفناناً سويدياً رسالة إلى تولستوي
يخبرونه فيها بأنهم لا يتفقون مع قرار لجنة الجائزة وأنهم يعتبرون أن المؤسسة التي
تسيطر على الجائزة "لا تعبر لا عن رأي الفنانين ولا عن الرأي العام".
منذ البداية كانت حقيقة الجوائز الأدبية معروفة. النقطة الثانية أن جائزة البوكر
العربية تحولت إلى جائزة لدور النشر، وليس للكُتَّاب، شروط التقدم للجائزة تهتم بدور
النشر فتضع شروطاً مثل أن يكون عمر دار النشر سنتين، وإذا سبق لها الفوز تستطيع
تقديم كتابين، ولا أعلم، كلام كثير غريب هكذا. وبالتالي الفوز بالجائزة من عدمه ليس
معياراً لقيمة أي عمل أدبي، أو بالأحرى ليس تقييماً لا يمكن انتقاده، وإنما هو
تقييم تحكمه اعتبارات تجارية وسياسية وغيرها. ولكننا نعتبر أن الجائزة تعني أن
العمل الأدبي قد حقق مستويات عالية من الإبداع والاتقان استحق عليها إشادة لجنة
متخصصة، وإن كان هذا ما نفكر فيه حين نتحدث عن استحقاق الجوائز، فإن زرايب العبيد
لا تستحق أي جائزة.
هل
هي رواية سيئة لهذا الحد؟ كلا، عدم استحقاقها لأي جائزة سببه أن الرواية عادية –
وهذه وجهة نظري الشخصية، فلا داعي للتحمس! وجهة نظري الشخصية هي أن الرواية عادية
ومليئة بالعيوب لدرجة أنه من المُدهش أن تُمدح الرواية لهذه الدرجة. وهذا المدح لم
يصدر من القُراء وحسب، بل صدر عن نُقاد وأدباء وتناقلته مواقع مشهورة وصحف عربية
مشهورة، يعني بصراحة كانت فضيحة من وجهة نظري! أن يمدح بعض القراء على تويتر
روايةً معينة لأنهم مثلاً استمتعوا بها ولم يهتموا بعيوبها شيء، وأن تُمدح الرواية
على مستوى كُتاب وشعراء وأدباء وصحف معتبرة شيء آخر تماماً وفضيحة!
دعونا
نتحدث عن هذه العيوب قليلاً.