الاثنين، 2 يناير 2017

تدوينة إلزامية عن السنة الجديدة...

صورة اعتباطية.
أو ربما يمكن أن نسميها: شخصان يبحثان عن سبب للاحتفال بالسنة الجديدة. أي سبب.


في وسط يتحدد فيه وجودك بمدى ما تنتجه من هراء.. أقصد بمدى ما تنتجه من أعمال تُعبر عنك (كتدوينات على مدونات، منشورات على فيسبوك، تغريدات على تويتر، إلخ)، في مثل هذه الأوساط يكون شيئاً إلزامياً أن تُثبت وجودك وانتماءك لبقية الجنس البشري بالحديث عن "حديث الساعة"، أو على أقل تقدير بالتعليق على آخر المستجدات، ولو مثلاً بهاشتاق رائج. مثلاً، في هذا الوقت، قد أكون مُلزماً – بعقد وجودي البشري الذي لم أوقع عليه أصلاً! – بأن أكتب: #2017.

سنة تأتي وسنة ترحل.. سنة ترحل وقد نالت نصيباً كبيراً من الشتائم، وبصراحة لا أعلم ما السبب في ذلك. أعني، سنة 2015 – رحمها الله – لم تكن السنة التي حققنا كلنا أحلامنا فيها، وفزنا جميعاً باليناصيب، وتحقق السلام العلامي، واكتُشف علاج السرطان، ووصلنا إلى كوكب زحل، وأشياء أخرى تُعبر عن وصولنا للدرجة القصوى من الرفاهية والسعادة. لقد كانت 2015 سنةً سيئةً مثل غيرها من السنوات على كوكب الأرض التعيس، تماماً مثل أختها الفقيدة 2016 – رحمها الله – التي لم تدمر أي من القصور (الخيالية) التي يبدو أن العالم كلها بناها سنة 2015!

ولا أستطيع منع نفسي الآن من تذكر قول العباس بن الأحنف: "وما مرَّ يومٌ أرتجي فيه راحتي *** فأخبره إلا بكيتُ على أمسي"، وهو البيت الذي حسده عليه أبو العتاهية وأعاد صياغته لاحقاً ليقول: "كم زمانٍ بكيتُ منه قديماً *** ثم لما مضى بكيتُ عليه". وعلى سبيل التوضيح فأنا لا أعتبر هذا الأمر سرقة أدبية، وإنما إبداعاً بل وحتى تكريماً بشكلٍ ما للمبدع الأول صاحب الفكرة الأصلية. ولكن هذا كلام لوقت آخر، كلامنا الآن هو: أرجو أن لا تجعلنا سنة 2017 ننوح على سنة 2016!

حسناً، انتقدتُ الموقف العاطفي (المتفق عليه بشكل جماعي عجيب) تجاه 2016، أي موقف اعتبار سنة 2016 هتلر! وبذلك أكون قد برهنت أنني شخص يُغرد خارج السرب أو يسبح عكس التيار، وبالتالي أنا مميز ورائع وما إلى ذلك، وربما السبب ببساطة هو أنني: (1) لا أهتم فعلاً بما يحدث في العالم وأظن أن عالمنا عبارة عن جحيم لا يتغير بتغير الرقم في الرزمانة (ولا داعي ليذكرني أحد ببيت شعر "نعيب زماننا والعيب.." نعم، سأعيب أهل أبو أم هذا الزمان الأعور الأعرج الموبوء بطاعون من الموت والحماقة!)، و(2) سنة 2016 كانت سنة حدثت فيها عدة أشياء جميلة بالنسبة لي، ربما هي قطرات وسط بحر من المعاناة، لكنها قطرات ضخمة، يعني ممكن بحيرات وسط بحر من المعاناة، أو مثلاً بحر من السعادة وسط محيط من الحزن، المهم السنة لم تكن 365 يوماً من تمني نهاية العالم بالنسبة لي، كانت هنالك أيام سعيدة، وأيام سعيدة جداً. وبعد أن أكون قد انتقدت بلامبالاة الكره الجماعي لسنة 2016 (لو كانت السنوات أمراض، فسنة 2016 هي بلا شك سرطان القولون!)، يبقى أن أفكر فيما يكتبه الناس عادةً مع السنة الجديدة... آه، نعم: السنة الجديدة سأكون فيها أيضاً شخصاً جديداً.

سوف أمارس الرياضة، سوف أكل طعاماً صحياً، سوف أشرب الماء، سوف أنام مبكراً، سوف أجتهد في العمل، سوف أعود للدراسة لتحضير شهادة ماجستير (في أحلام اليقظة!)، سوف أتعلم لغةً جديدة (كل اللغات قديمة بصراحة، يعني أين ستجد لغةً جديدة؟)، سوف أفقد وزناً (احم.. آه.. الأفضل أن لا أسخر من هذا الأمر...)، سوف أقرأ مليون كتاب، سوف أؤلف كتاباً، سوف أتعلم العزفة على البيانو بأصابع قدمي، سوف أزور نصف بلدان العالم (على اليوتيوب، أو السناب شات)... الهدف الوحيد الذي ينجح كثيرون في تحقيقه هو: سوف أكتب قائمةً بالكثير من الأشياء التي لن أفعلها.